الفرق بين أهل الكتاب و الذين أوتوا الكتاب و الذين آتيناهم الكتاب

من أهم مميزات لسان القرآن هو دقته الفائقة في وصف الأشياء حيث جعل لكل كلمة دلالتها الخاصة المنفردة لكن تراث المذاهب أفقد العديد من المفردات القرآنية دلالتها الحقيقية و قام بحشو معاني بعضها في بعض و كمثال إعطاء نفس المعنى لكل من أهل الكتاب و الذين أوتوا الكتاب و الذين آتيناهم الكتاب و الإكتفاء بتفسيره باليهود و النصارى
لكننا لو عدنا إلى كتاب الله و قمنا بدراسته جيدا سنكتشف أن لكل واحد منها معنى خاص و منفرد و لكن قبل الخوض في ذلك وجب فهم معنى الكتاب في سياق التسميات السالفة الذكر 
فالكتاب بالنسبة للذين أوتوه و بالنسبة لأهله هو وصف لكتب الله السماوية الصحيحة الغير محرفة و ليس الكتب التي خطها البشر و نسبوها لله تعالى و هذا ما يتجلى بوضوح في الآية
 وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)  سورة آل عمران
فالقرآن جاء مصدقا لكتب الله الصحيحة و ليس المحرفة
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3)  سورة آل عمران
وقد سبقت الإشارة لهذه النقطة في موضوع
هل كانت التوراة والإنجيل محرفة في زمن الرسول ؟
فعبارات الذين أوتوا الكتاب و أهل الكتاب و الذين آتيناهم الكتاب كلها أوصاف لأصحاب الكتب السماوية الصحيحة لكنها في المقابل تختلف في المعنى
الذين أوتوا الكتاب 
يشير وصف الذين أوتوا الكتاب إلى جميع الأمم التي أوتيت الكتب السماوية في الماضي بدون إستثناء و قياسا على الخطاب القرآني المعاصر لزمن نزول القرآن فإن وصف الذين أوتوا الكتاب قد إنطبق على جميع الأمم التي أوتيت الكتب السماوية قبل نزول القرآن كما يتبين في مجموعة من الآيات
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)  سورة المائدة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)  سورة المائدة
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)  سورة آل عمران
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131)  سورة النساء
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)  سورة الحديد
 و قد توجه الخطاب القرآني  إلى صنفين من البشر الذين أوتوا الكتاب و الأمم التي لم تأتى الكتب السماوية و التي وصفت بالأميين كما سبق التوضيح في موضوع
مفهوم الأمية في القرآن
فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)  سورة آل عمران
 و قد إختلف و تفرق الذين أوتوا الكتاب عبر العصور عند قدوم كل نبي و رسالة جديدة 
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)  سورة آل عمران
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213)  سورة البقرة
و قد أدى هذا التفرق إلى ظهور فئتين فئة إحتفظت بالكتب السماوية حتى عصر الرسول فإنطبق عليهم حينها وصف أهل الكتاب و فئة تخلت عن الكتب السماوية
وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)  سورة البقرة
فسقط عنهم وصف أهل الكتاب في عصر البعثة المحمدية فإكتفى القرآن بوصفهم بالمشركين أو الكفار
و يتجلى الفرق بين معنى الذين أوتوا الكتاب و أهل الكتاب بوضوح في سورة البينة
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)  سورة البينة
حيث تتحدث عن تفرق وقع في الماضي بين الذين أوتوا الكتاب في عصر نبي سابق و ليس كما حاول مفسروا المذاهب إقناعنا أن سورة البينة تتحدث عن الرسول محمد و أن الذين أوتوا الكتاب لم يتفرقوا حتى جاء القرآن ! فبالعكس القرآن جاء لينهي الإختلاف و التفرق بينهم
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)  سورة النمل
و كما ذكرت هذا التفرق الذي حدث في الماضي خلف فريقين مختلفين فريق أهل الكتاب أي من إحتفظوا بالكتب السماوية الصحيحة حتى جاء القرآن و هنا خصت الآية الكفار منهم أي من رفضوا رسالة محمد 
 و فريق تخلوا عن الكتب السماوية و بالتالي سقط عنهم وصف أهل الكتاب و إكتفى القرآن بوصفهم بالمشركين لإعتمادهم على أديان شركية و تضيعهم للكتاب
أهل الكتاب 
كما أشرت أعلاه فهذه العبارة تشير إلى الطوائف و الأمم التي إحتفظت بالكتب السماوية حتى لحظة نزول القرآن و يتجلى ذلك بوضوح في الآية
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)  سورة المائدة
حيث أمرهم الله تعالى أن يقيموا التوراة و الإنجيل اللذان بين أيديهم و بطبيعة الحال يستحيل أن يأمرهم بإقامة كتب محرفة 
و قد وصفوا أيضا بأهل الذكر حيث أمر القرآن قوم الرسول الأميين بسؤالهم في إشارة واضحة لتوفرهم على العلم الصحيح و الكتب الصحيحة
وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)  سورة الأنبياء
حيث إستعمل القرآن عبارة أهل التي تشير إلى الإرتباط و الملازمة للإشارة لإرتباطهم و ملازمتهم للكتاب 
و بطبيعة الحال منهم المؤمنون و منهم الكافرون 
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)  سورة آل عمران
و المؤمنون منهم هم تشبثوا بالكتاب و طبقوا أحكام الله
لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)  سورة آل عمران
و بطبيعة الحال أمنوا بالرسول محمد و ما جاء به من حق
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)  سورة آل عمران
و هناك من كفر منهم رغم معرفته للحقيقية من خلال نصوص كتبهم الصحيحة و إشتروا بها ثمنا قليلا
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) سورة
وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)  سورة البقرة
بل هناك من أشرك منهم و إتخذ إبن مريم إلها
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)  سورة آل عمران
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)  سورة النساء
الذين آتيناهم الكتاب 
أما وصف الذين آتيناهم الكتاب فقد جاء أكثر تخصيصا و يشير إلى أهل الكتاب الذين أوتوا العلم من الكتاب أي درسوا نصوصه و أدركوا علومه جيدا
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)  سورة البقرة
لذلك نجد تأكيد في الآيات على معرفتهم التامة من خلال علمهم الكبير بنصوص كتبهم بصحة القرآن و نبوءة محمد
  الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) سورة الأعراف
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)  سورة البقرة
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)  سورة الأنعام 
أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)  سورة الأنعام 
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47)  سورة العنكبوت
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53)  سورة القصص
وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36)  سورة الرعد
و بطبيعة الحال ليس كل أهل الكتاب ينطبق عليهم وصف الذين آتيناهم الكتاب فهناك من ينتمي لطوائف أهل الكتاب دون أن يدرس في يوم من الأيام أحد هذه الكتب كحال العديد من المسلمين مع القرآن و حتى لا يختلط الأمر على البعض وجب توضيح بعض النقاط
قد توحي بعض الآيات أن الذين أوتوا الكتاب ليسوا مشركين مثل هذه الآية حين فصل الخطاب بين المشركين و الذين أوتوا الكتاب
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)  سورة آل عمران
 نفس الملاحظة بالنسبة لأهل الكتاب و المشركين في الآية
مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)  سورة البقرة
لكن الحقيقية أن الخطاب القرآني لم يلغي شرك كل من أهل الكتاب و الذي أوتوا الكتاب الذي يتجلى بوضوح في العديد من الآيات و هذه أوضحها على الإطلاق
قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)  سورة التوبة
بل وضع معايير معينة لتوضيح الفرق بين مختلف الطوائف المخاطبة في القرآن حسب سياق الآيات فحينما شمل الخطاب الذين أوتوا الكتاب و المشركين معا فقد كان المقصود من المشركين هنا المشركين الأميين الذين لا ينطبق عليهم وصف الذين أوتوا الكتاب 
أما عندما يشمل الخطاب أهل الكتاب و المشركين فقد يكون المقصود المشركين من الذين أوتوا الكتاب أو المشركين  الأمين أو كلاهما معا حسب سياق الآية كما سبقت الإشارة في سورة البينة
فخلاصة القول أن عبارة الذين أوتوا الكتاب شاملة لكل من أوتي الكتاب في الماضي سواء من  أضاعه  أو من إحتفظ بنصوصه و هؤلاء ممن إحتفظوا بنصوصه أطلق عليهم لقب أهل الكتاب ومن بين هؤلاء هناك الذين وصفوا بالذين آتيناهم الكتاب لوصولهم درجة عالية من العلم من الكتاب
و لو أردنا أن نصور الأمر في عصرنا الحالي نستطيع القول أن وصف الذين أوتوا الكتاب ينطبق كل من اليهود و المسيحيين و السامريين و الصابئين ألخ الذين اضاعوا كتبهم بالإضافة لأتباع رسالة محمد الذين ينفردون حاليا بوصف أهل الكتاب كون القرآن هو الكتاب الوحيد من بين كل الكتب الدينية الحالية الذي ظل محفوظا و ينطبق عليه وصف الكتاب
و سنجد أن لا شيء تغير فمثل ما كان الوضع عند نزول القرآن فأن الغالبية من أهل الكتاب حاليا قد إتبعوا سبيل الكفر و الشرك  و إتبعوا مذاهب لا علاقة لها بالكتاب و إشتروا بآيات الله ثمنا قليلا و يكتمون الحق و هم يعلمون للدفاع عن روايات و أحكام بشرية 
أما وصف الذين آتيناهم الكتاب فينطبق حاليا على كل من يتدبر للقرآن و يحاول الإطلاع على علمه الحقيقي و ليس من يحاول توفيق نصوصه و لبسها بروايات البشر 

معلومات عن التدوينة الكاتب : Unknown بتاريخ : الجمعة، 28 أغسطس 2015
المشاهدات :
عدد التعليقات: 0 للإبلاغ عن رابط معطوب اضغط هنا

شكرا لتعليقك
Site kobia